السمارة تكرّس البعد الأكاديمي للمسيرة الخضراء بندوة علمية رفيعة المستوى (صور)
صحراء توذوس : السمارة
نظّمت عمالة إقليم السمارة، اليوم الجمعة، بشراكة مع مكونات المنظومة المحلية، ندوة علمية رفيعة المستوى احتضنتها الكلية متعددة التخصصات، وذلك في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى الخمسين لانطلاق المسيرة الخضراء المظفرة، تحت شعار: “المسيرة الخضراء… فكرة ملك وإرادة شعب من الإلهام إلى الإنجاز”.
وحضر أشغال الندوة السيد إبراهيم بوتوميلات، عامل إقليم السمارة، إلى جانب العميد المنتدب قائد الحامية العسكرية، وعدد من المنتخبين، وممثلي السلطات المدنية والعسكرية، إضافة إلى نخبة من الأساتذة الباحثين وفعاليات أكاديمية ومجتمعية مرموقة.
واستُهل الحفل بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، تلتها ترديدات جماعية للنشيد الوطني المغربي في أجواء يطبعها الاعتزاز الوطني العميق. وقد ألقى الدكتور جودا الوالي، باسم اللجنة المنظمة، كلمة ترحيبية أبرز فيها رمزية هذه المحطة الوطنية الخالدة، وما تحمله من دلالات راسخة في الوجدان المغربي كتعبير عن التلاحم الأبدي بين العرش والشعب.
وتوزعت محاور الندوة بين أبعاد تاريخية وسياسية واقتصادية وروحية وإعلامية، إذ ساهمت مداخلات الأساتذة والباحثين في إغناء النقاش الأكاديمي حول المسيرة الخضراء، واستحضار دلالاتها المتعددة في بناء الدولة المغربية الحديثة.
ففي عرض بعنوان “المسيرة الخضراء: مبرراتها وأبعادها في القرنين العشرين والواحد والعشرين”، تناول الدكتور محمد عيسى بابانا العلوي، أستاذ علم السياسة، الخلفيات الجيوسياسية للمسيرة الخضراء، مبرزاً دورها في تحصين الوحدة الترابية وتعزيز المكانة الدبلوماسية للمملكة.
في حين قدّمت الدكتورة ماجدة كريمي، خبيرة العلاقات المغربية الإفريقية، عرضاً تحت عنوان “الدبلوماسية الاقتصادية المغربية في إفريقيا: أية أدوار لإقليم السمارة؟”، ركزت فيه على موقع الإقليم ضمن الاستراتيجية الوطنية لتعزيز التعاون جنوب-جنوب، باعتباره فضاءً للتنمية ومعبراً نحو العمق الإفريقي.
أما الدكتور حميد الفرخ، من مديرية التاريخ العسكري بالقوات المسلحة الملكية، فقدّم مداخلة توثيقية بعنوان “الصحراء المغربية في الاتفاقيات والمعاهدات المغربية الأجنبية خلال القرن الثامن عشر”، عرض فيها شواهد تاريخية تؤكد الارتباط التاريخي المتجذر للأقاليم الجنوبية بالمغرب عبر العصور.
وفي الجانب القيمي والروحي، تناولت الدكتورة عزيزة بزامي في عرضها “ملحمة المسيرة الخضراء: حكم روحية وعبر تاريخية”، البعد الأخلاقي للمسيرة باعتبارها نموذجاً للجهاد السلمي وتجسيداً لمبادئ التضامن والوحدة الوطنية.
كما عرفت الندوة تقديم شهادات حية من إعلاميين مخضرمين عايشوا زمن المسيرة الخضراء؛ إذ قدّم الأستاذ محمد دكا شهادة مؤثرة بعنوان “تجربة استقبال المسيرة الخضراء بطرفاية”، فيما شارك الأستاذ الناجم عميرة بمداخلة توثيقية بعنوان “من ذاكرة الإعلام في الأقاليم الجنوبية”، تطرقا من خلالها إلى الدور الحيوي للإعلام في تأريخ الحدث وترسيخ الوعي الوطني.
واختتمت الندوة بالتأكيد على أن المسيرة الخضراء شكلت لحظة تأسيسية في بناء مغرب الوحدة والتنمية، وأرست معالم مشروع وطني متجدد يستمر في عهد جلالة الملك محمد السادس نصره الله. كما دعا المشاركون إلى مواصلة استحضار هذه الملحمة في بعدها الأكاديمي والتربوي لترسيخ قيم المواطنة والالتفاف حول الثوابت الوطنية.
وتندرج هذه الندوة ضمن الدينامية الفكرية التي تعرفها مدينة السمارة، العاصمة العلمية والروحية للأقاليم الجنوبية، تأكيداً على دورها المتجدد في صون الذاكرة الوطنية ونقلها إلى الأجيال الصاعدة كرافعة لبناء وعي جماعي متجذر في الهوية والوحدة.


